بمناسبة يوم الشباب الدولي... تمدين شباب تنظم لقاء حول النظم الغذائية الآمنة والمستدامة من منظور شامل
ضمن احتفالها بيوم الشباب الدولي للعام الحالي 2021، وإيماناً منها بأهمية قدرات الشباب ودورهم في صناعة حاضر ومستقبل أفضل؛ نظمت مؤسسة تمدين شباب بالتعاون مع حركة تعزيز التغذية في اليمن "صن"، لقاء استضافت فيه العديد من الخبراء المحليين والدوليين للحديث حول النّظم الغذائية الآمنة والمستدامة من منظور شامل، ودور شباب اليمن في تعزيز ذلك على المستوى الوطني، مستشعرةً لأهمية هذا الموضوع من كون اليمن واحداً من البلدان التي تعاني من ضعف مستوى التغذية، فضلاً عن احتمال تعرضه لخطر المجاعة، وليس أخيراً من كون هذا العام هو "عام العمل للاستجابة للآثار المترتبة على النظم الغذائية والتغذية التي كشفتها جائحة كوفيد-19"، وباعتبار أن يوم الشباب الدولي (IYD) لهذا العام يُعنى بموضوع ملح، وهو "تحويل النظم الغذائية: الشباب يبتكرون من أجل صحة الإنسان والكوكب"، بحسب الأمم المتحدة.
وافتُتح اللقاء الذي استمر لمدة ساعتين عبر تطبيق "زوم"، بكلمة لمؤسسة تمدين شباب، باعتبارها منسق حركة "صن" لشبكات المجتمع المدني في اليمن، القاها مدير التمكين الاقتصادي، الأستاذ قاسم كمال، واستهلها بالترحيب بالسادة المتحدثين وبالحضور جميعاً. وعبّر من خلالها عن سعادته الغامرة لتجاوب المشاركين واهتمامهم بتحسين واقع الشباب في اليمن، باعتبار أن المرحلة القادمة هي مرحلة الشباب، وأن الأمل معقود عليهم بقيادتها لإنقاذ الحاضر وصناعة رفاهية المستقبل، كما عرّج في كلمته على مراحل تقدّم تمدين شباب، سيّما اهتمامها المتنامي بالشباب والعمل على تحسين واقعهم وظروفهم من منضور استراتيجي، مختتماً حديثه بتقديم ميّسرة اللقاء سكرتارية حركة "صن"، الأستاذة كريمة الحداء.
خلق واقع إنساني أفضل
بدورها، انطلقت الحداء في حديثها باستعراض موجز سريع حول الفعاليات العالمية المتعلقة بالنظم الغذائية لهذا العام، مشيرةً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة دعا في سبتمبر 2019 جميع قطاعات المجتمع لحشد المزيد من الدعم لأهداف العشر سنوات من العمل، المعروفة بـ"عقد من العمل"، والتي تهدف إلى تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لافتةً المسارات الثلاثة في هذا الإطار.
وأشارت الحداء إلى تأثير جائحة كوفيد-19على تقدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ(17)، وضرورة العمل على الحد من تأثيرات هذه الجائحة، مستعرضةً برنامج قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية 2021، والمسارات الخمسة التي تعمل عليها الأمم المتحدة على المستوى الدولي بهذا الخصوص. واعتبرت أن كل هذه الجهود تهدف إلى خلق واقع إنساني أفضل، من خلال توفير العديد من الاحتياجات، مثل حصول الناس على تغذية جيدة ووجبات صحية.
لقد أصبح الاهتمام بالنظام الغذائي محور لكل التدخلات لإيجاد ابتكارات جديدة وحلول مبتكرة لجميع الإشكاليات التي أصبحت تؤثر على صحة الإنسان وعلى الكوكب بشكل عام، بحسب ما أوضحت الحداء، مشيرةً إلا أنه سيتم خلال هذا العام والعشرة الأعوام المقبلة عقد العديد من الحوارات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بهدف تحليل التحديات واستكشاف المناهج الواعدة ومناقشة مسارات النظم الغذائية المستدامة والحلول وتحديد النوايا والالتزامات، وبالتالي فإن هناك نوع من الالتزام على ثلاثة مستويات، من قبل الدول، والفعاليات العالمية، والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية.
ثلاثة حلول للتحول نحو نظم غذائية صحية
هذا الطرح الذي امتاز بمعلومات قيّمة ومثمرة عن المسارات الخاصة بقمة النظم الغذائية للأمم المتحدة، تبعه مداخلات مهمة وملهمة، دشنها مختص التغذية في منظمة التغذية والزراعة – مكتب اليمن، الأستاذ جويل مونيوكي، الذي وجه عدة رسائل أشار خلالها إلى ثلاثة حلول جذرية للتحول نحو نظم غذائية صحية، وهي خلق الطلب على الغذاء الصحي والمغذي الذي يمثل أقصر الطرق للتحول نحو توفر الغذاء الصحي، وتوفر الغذاء الصحي وسهولة الوصول اليه، كذلك خلق بيئة تمكينية للتغذية الصحية.
المدرسة وبيئتها كمنصة للتحول نحو التغذية الصحية
من جانبها، سلّطت رئيس برنامج التغذية في مكتب منظمة الصحة العالمية – اليمن، الدكتورة فريما زربو، الضوء على مبادرة المدرسة الصديقة للتغذية، وقدمتها كتجربة متميزة لاستخدام المدرسة وبيئتها كمنصة للتحول نحو التغذية الصحية، مشيرةً إلى أهمية ودور الشباب كمنصة للمشاركة في إيجاد حلول ابتكارية، عدا عن عرضها للقضايا الخمس للسلامة الغذائية.
التحول نحو التدخلات المستدامة
أمّا استشارية قطاع الأعمال وعضو الفريق الدولي للمسار الخامس لحوارات النظم الغذائية، الأستاذة فضيلة جباري، فقد ركزت في مداخلتها على المسار الخامس لقمة النظم الغذائية. كما سلّطت الضوء على مجموعة من التدخلات مثل تعزيز الإنتاج المحلي من أجل الاستهلاك المحلي، وتعزيز أنظمة الغذاء لتكوين مقاومة للأزمات والجائحات المستقبلية، والتفريق بين مكونات النظم الغذائية وعلاقتها بالمستهلكين، فضلاً عن السياسات الوطنية المتعلقة بقطاع الأعمال والتغذية، كذلك أهمية التركيز على التدخلات الابتكارية ودور الشباب، لافتةً إلى أن أهمية دورهم في الوقت الراهن تتمثل في تغيير مسار هذه التدخلات من حالة الطوارئ والتدخلات الإنسانية إلى التحول نحو التدخلات المستدامة والتدخلات ذات العلاقة بالتنمية، وبالتالي الحاجة إلى تدخلات تستهدف الفئات الهشة مثل المصابين بالسرطان والكلى وكبار السن والأطفال وغيرها، وإيجاد البدائل والحلول وتوفير الغذاء الصحي.
استجابة النظم الغذائية للتغيرات المناخية
من جهته، أكد نائب رئيس الشباب لمسار العمل (5) "المرونة" لقمة نظم الأغذية للأمم المتحدة، الأستاذ مايك كونجا، على أهمية تعزيز قدرة النظم الغذائية على الاستجابة للتغيرات المناخية، مستعرضاً بعض القضايا التي تؤثر على المناخ والبيئة، مثل تحضير الغذاء.
لا يمكن الحديث عن التغذية بعيداً عن المجاعة
المدير الإقليمي لمنطقة غرب آسيا – جمعية شباب من أجل الطبيعة، الأستاذ ريان قاسم، تحدث بدوره عن القمة العالمية للنظم الغذائية، قائلاً: نعمل على التعرف على المشاكل والحلول للشباب العرب، لتقديمها للقمة العالمية للنظم الغذائية المقبلة المزمع عقدها في نيويورك نهاية أيلول-سبتمبر المقبل.
وأوضح قاسم أن هناك ثلاثة مطالب لفئة الشباب على مستوى العالم، والذي يقدر عددهم بأكثر من 20 الفاً، سيتم تقديمها في القمة، هي: الضغط على صناع القرار لاتخاذ سياسات تمنع التسويق للمنتجات الغذائية المضرة بالصحة، وإزالة العوائق أمام تمويل المزارعين، سيّما الشباب منهم للحصول على أراضِ زراعية، وأخيراً رفع العوائق أمام الحصول على المعلومات ليكون الشباب ضمن صنّاع القرار وليس مجرد استشاريين فقط.
وعن اليمن، قال قاسم، لا يمكننا الحديث عن التغذية بعيداً عن المجاعة، مثل ما هو حاصل في اليمن، حيث أن الكثير من التلاميذ يذهبون إلى المدارس بدون غذاء لعدم توفره لديهم، كما أنهم لا يهتمون بنوعية الغذاء في حال توفره.
وتسائل، إذا كانت الأمم المتحدة نفسها تقدم مساعدات رخيصة لليمن، مستفيدةً من الدعم الذي تقدمه بعض الدول، مثل السكر والزيوت والخبز الأبيض وغيرها، والمعروفة بأنها ضمن الأكل الأكثر ضرراً على الصحة، فكيف سنطالب غيرها من الجهات بنظم غذائية سليمة... قد يكون هذه الحل مقبول مؤقتاً لكن أزمة اليمن طالت، وهذا ما يجب إيصاله إلى صناع القرار والضغط عليهم.
التعلّم والمشاركة
وعن شبكة المجتمع المدني (SUN)، أكدت الأستاذة برومي تشون، على أهمية وجود منصة للتعلم والمشاركة، وتقديم الحلول لرفع مستوى التغذية، فضلاً عن ضرورة بدء حوارات وطنية للنظم الغذائية، سيّما المعنية منها بالشباب.
فئة الشباب تمثل فئة التمكين
واختتم استشاري الصحة العامة والوبائيات، الدكتور علي المضواحي، هذا اللقاء بالحديث عن وجهة نظر وزارة الصحة العامة والسكان، حول موضوع التغذية والشباب في اليمن، معتبراً أن موضوع التغذية أولوية قصوى وليس في سلّم الأولويات فقط، ومن حسن الحظ أن يتبنّى يوم الشباب الدولي لهذا العام قضية التغذية.
وأضاف المضواحي أنه بالنسبة لنا في وزارة الصحة، ننظر إلى ثلاثة مؤشرات رئيسية من هذا النوع، تتمثّل بالإتاحة، والوصول، والاستخدام. موضحاً أن الإتاحة توفر الأغذية السليمة من أجل التغذية السليمة، وأن تكون الأغذية متاحة لجميع الناس دون تمييز. وتابع: أما في ما يخص الوصل فإننا نواجه تحديات كثيرة مرتبطة بجغرافية اليمن وديمغرافيته، حيث يوجد في اليمن أكثر من 133 ألف تجمع سكاني لمجتمع قوامه حوالي 31 مليون إنسان، إذ ان تشتت السكان بهذا الشكل يشتت الموارد، فضلاً عن الوضع الأمني الذي يفرض بدوره تحديات كبيرة جداً ما يعيق الوصول إلى الخدمات التغذوية المعيارية. وبالنسبة للاستخدام، فيُعنى به تعديل السلوك في الاستخدام الغذائي، وعادة ما يتم العمل على ترسيخه في هذه الفئة العمرية، وهي فئة الشباب، وقبلها فئة الفتية.
واستطرد: نحرص على أن نقدم نموذجاً فاعلاً في تقديم الخدمات الصحية والتغذوية، لذلك نحن نسعى في القطاع الصحي للعمل مع القطاع الخاص وقطاع المجتمع المدني، في سبيل أن تكون ثقافة الاستخدام الأمثل حاضرة على مختلف مستويات المجتمع وفئاته، لكن فئة الشباب تمثل فئة التمكين، حيث أن التغيير في سلوك الشباب يغير شكل المستقبل، وحتى نستطيع الوصول إلى التمكين، يجب تهيئة الشباب، والتهيئة يجب أن تكون من وقت مبكر، وهذ ما يعيدنا إلى الحديث عن مبادرة المدارس الصديقة للتغذية.
واختتم المضواحي حديثه بالإشارة إلى أهمية السكرتارية التنسيقية لرفع مستوى التغذية كونها تجمع القطاعات ذات العلاقة، قائلاً: لذلك نسعى إلى العمل أكثر مع الشركاء من أجل أن تكون هذه البدائل من أجل ما يطلبه الناس ويحتاجونه، وهذا يأتي في إطار مؤشر الاستخدام، وحتى نصل إليه لا بد أن تكون حالة الوعي مرتبطة بحالة السلوك وليس مجرد والوعي فقط، فضلا عن الحافز، والبيئة المواتية.
ولم ينس جميع المشاركين التعبير عن شكرهم وامتنانهم لمؤسسة تمدين شباب على جهودها في تنظيم هذه الفعالية، واهتمامها الملموس بفئة الشباب والعمل على الخدمات التغذوية المعيارية، كما ثمنوا جهود سكرتارية رفع مستوى التغذية، الرامية إلى رفع مستوى التغذية في اليمن.
وحركة تعزيز التغذية (SUN) هي حركة عالمية يقودها 54 بلداً لتحسين التغذية. وثمة أربع شبكات (قطاع الأعمال، والمجتمع المدني، والجهات المانحة، ومنظومة الأمم المتحدة) تدعم هذه البلدان من خلال الجمع بين مجموعات من الجهات المعنيّة من أجل زيادة الموارد وتحسينها ومواءَمة الإجراءات المتّخذة وراء الجهود القُطرية. في حين أن مؤسسة تمدين شباب اعتباراً من العام 2021 هي منسق حركة "صن" لشبكات المجتمع المدني في اليمن.
تجدر الإشارة إلى أن اليمن انضم إلى حركة تعزيز التغذية في نوفمبر عام 2012م، وتم إنشاء لجنة التسيير تحت قيادة وزارة التخطيط والتعاون الدولي.