تمدين شباب... عمل مؤسسي رائد
فارس العلي
تعد مؤسسة تمدين شباب واحدة من أبرز منظمات المجتمع المدني الوطنية الفاعلة في تعزيز تجربة العمل الإنساني والتنموي في اليمن، إذ برزت بفرادة من خلال تطوير رؤيتها وأنظمتها المؤسسية وفق أهداف محددة أكثر تخصصية تلبي أولويات احتياجات المجتمعات في المناطق والمحافظات اليمنية، في قطاعات بذاتها دون الحاجة إلى التشعبات في أغلب برامج العمل الإنساني والتنموي، وهو ما التزمت به تمدين شباب وعزز من أفق رسالتها، الأمر الذى تفتقر إليه الغالبية العظمى من الجمعيات و المؤسسات المحلية والوطنية في اليمن التي وضعت نفسها ككيانات شاملة لمختلف القطاعات ماشكل لها عبء وعائق في طريق تقدم تجربتها المؤسسية.
اليوم تحتفل تمدين شباب بمرور عشرة أعوام وتقدم لنا كمجتمع مدني أنموذجا رائدا تحلم بصنعه أي منظمة يمنية، فالتجربة ليست في كم وحجم ونوعية المشاريع المقدمة وحسب، وإنما في وعي الإجابة على السؤال العميق للدور الذي يفترض بمؤسسات المجتمع المدني لعبه على اعتبار أنها تمثيل حقيقي للمبادرات المجتمعية التي تعزز مبدأ العمل التشاركي الواسع - كرديف ثان - بين الكيان المؤسسي والأطراف ذات الصلة - القطاع الخاص والحكومة والمانحين - والمجتمعات المحلية في ابتكار وتنظيم وتخطيط وتنفيذ وتقييم ومتابعة مختلف الأنشطة والبرامج ذات الأولوية، إذ أن بقاء المنظمة بهذا القرب من جميع الأطراف هو عصب النجاح الذي حققته تمدين شباب، إضافة لباقي الأشياء الأساسية المهمة الممثلة بإختصار في بناء واستثمار العمل المؤسسي وتطويره وترسيخ ثقافة وبيئة عمل مؤسسي رائد بخبرات وإمكانات مؤهلة لصنع تغيير حقيقي.
تمدين شباب واحدة من قلائل المؤسسات التي تعاضدت وتكافلت إمكاناتها ومواردها الذاتية مع جهود وإمكانيات الآخرين ممن استطاعت قيادة وكوادر تمدين مد جسور التواصل وبناء وتعزيز العلاقات معهم واستقطابهم كخبرات، التخطيط الإستراتيجي مميزا في إدارة الموارد.
تنجز مؤسسة تمدين شباب للعمل الطوعي إرث هام لتطوير بنية العمل في هذا الحقل الهام، وقد اختارت الشباب والتنمية منطلقات أساسية لرؤيتها ورسالتها، وأنجزت لأهدافها هذين البعدين، وتوسعت أفقيا وتمددت إلى كثير من مناطق و محافظات اليمن وصولا إلى مكتبها التنسيقي في الأردن، بينما كانت التنمية الاجتماعية و الاقتصادية وبناء السلام نوافذ ومسارات أخرى معززة لسقف التجربة ومراكمة الخبرة الإدارية والفنية للعمل الإنساني والتنموي، ونحن هنا لسنا بصدد استعراض حجم التمويل والمشاريع والبرامج المنفذه التي يمكن الإطلاع عليها في موقع المؤسسة وصفحاتها على السيشول ميديا، حيث يقدم لنا إعلامها وللمجتمع المدني صورة احترافية عن العمل الإعلامي الإنساني الذي تفقده 90% من المنظمات المحلية والوطنية في اليمن.
أبدي إعحابي الشديد بمنظمة يمنية وصلت لهذا المستوى من العطاء و النجاح في تقديم خدماتها التنموية والإنسانية خلال عقد من الزمن بين كم هائل من احتشاد لأسماء منظمات محلية وطنية يصل عددها إلى 13200 وفقا لمؤشر استدامة منظمات المجتمع المدني في اليمن، شاملا الغير نشطة.
تمدين شباب تقدم نفسها كمنظمة يمكنها الاضطلاع بدور هام لقيادة وتحسين الاستجابة الإنسانية والتنموية في ظروف فارقة تمر بها اليمن، وبمستويات فريدة من التواصل والعلاقات و الشراكات الفاعلة مع المجتمعات المستهدفة والجهات الرسمية والمنظمات والمؤسسات الدولية المانحة بثقة معززة وبرؤى خبراء و استشاريين يخطون لها مسارات التحول الحقيقي للعمل المؤسسي، وإن كنت قد أوغلت في تفاصيل إنحازت لتمدين شباب، فهو إحساس وشعور أفتخر به ليس فقط حصرا على تمدين شباب، وإنما لمؤسسات ومراكز يمنية أخرى نتفاخر بتجربتها ومستوى ما وصلت إليه من نجاحات كبيرة، وهو شعور يجب أن نتداوله و نتناقله عن كل مؤسسة يمنية تقدم للعمل الإنساني والتنموي تجربة فريدة، وعلينا جميعا منحها كلما نستطيع من الدعم والتعزيز الممكن لتأهيل وتطوير أدائها لتصبح قادرة على الانخراط في قيادة خطة الاستجابة على طريق يمننة وتوطين العمل الإنساني في اليمن الذي تقوده الآن تمدين شباب بقيادة واحد من ألمع رواد الأعمال والعمل المدني الصديق العزيز حسين السهيلي سر نجاح هذه المؤسسة الفريدة.