من الإعاقة إلى النجاح: قصة “منى سيف” ومشروع التمكين الاقتصادي للمرأة في عدن
الإعاقة
كثيرون يفشلون في مسار الحياة وتعقيداتها بسبب إعاقة جسدية تقعد بهم عن بلوغ طموحاتهم وتحسين أوضاعهم والمشاركة الفاعلة في المجتمع، لكن هناك من لا يستسلم لهذه الإعاقة ويجعلها تحديا ليثبت أنه أقوى عزيمة في مجابهة ظروفه الاستثنائية.
"منى سيف سعيد سالم" البالغة من العمر 35 عاماً، معاقة بصرياً وزوجها معاق بصرياً، ويقيمان مع طفلتهما "ميار" في مسكن بالإيجار في مديرية المنصورة بمدينة عدن، ويتشاركان الظروف المتشابهة والهم والمعاناة.
كانا يتلقيان مساعدة من إحدى الجمعيات الخيرية المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة، ومع الأزمة الإنسانية التي تعيشها اليمن منذ العام 2015، توقفت المساعدة لتواجه "منى" وأسرتها ظروف اقتصادية صعبة.
المحاولة
باشرت "منى" البحث عن عمل ولكنّها لم تفلح في ذلك. عصفت أفكارها، وتفقدت ما لديها من مهارة يمكن توظيفها في سبيل حل مشكلة توفير نفقات الأسرة، وحين وجدت الفكرة، لم تجد التمويل. فاقترضت من صديقاتها، وأنشأت معملًا منزليًا صغيرًا لصناعة البخور وبيعه للمحال التجارية، لكنها فشلت في ذلك بسبب ضعف خبرتها، وعدم قدرتها على شراء الأدوات اللازمة والمواد الخام، لتعيش المعاناة في ظل الإعاقة والأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن بسبب الحرب.
البداية
علمت "منى بـ "مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة" التي أعلنت مؤسسة تمدين شباب TYF أنها ستنفذه في عدن وصنعاء، بتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون الدوليgiz ، لتدريب وتمكين النساء في مجالات "صناعة البخور والعطور، والمشغولات اليدوية، والكوافير، والخياطة، والتصوير، والتصميم الجرافيكي".
قدمت "منى " في مجال صناعة البخور والعطور. وفي مطلع العام 2022م، تم الإعلان عن قائمة المتأهلات للإستفادة من المشروع وكانت منى واحدة منهن.
المهارات الحياتية والمهنية
تتذكر تلك اللحظة قائلة: "بصراحة، لم أؤمن بقدرة المشروع على مساعدتي لأنني كفيفة، لكنني قررت المحاولة وسط تحفيز زميلاتي والدعم والمساندة من فريق المشروع. فتلقيت برامج تدريبية في المهارات الحياتية والمهنية وريادة الأعمال والتعليم المالي، وتعرفت على كيفية إعداد دراسة جدوى لتأسيس مشروع خاص، بالإضافة إلى تعريفي بكيفية إعداد خطط العمل وإدارة المشاريع الصغيرة.
تأسيس مشروعها الخاص
بعد استكمال البرامج التدريبية، وتطوير مهاراتها المهنية في مجال صناعة البخور والعطور تسلمت "منى" من المشروع الأدوات والأصول الإنتاجية للبدء في تأسيس مشروعها الخاص.
تأسس مشروعها في صناعة البخور والعطور، وتطور بشكل كبير ومتسارع، ليحمل علامة تجارية خاصة به "روائح أم ميار". وأصبحت "منى" اليوم سيدة منتجة، وقادرة على توفير الدخل لها ولعائلتها، تمتلك المعرفة الكاملة في احتساب النفقات التشغيلية والأرباح، وكذلك تحديد الأسعار المناسبة للمنتجات.
قصة نجاح ملهمة
"منى" مثالاً حياً على قصص النجاح التي حققها "مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة بعدن" ونموذجاً على كيفية تمكين النساء المعرضات للظروف الصعبة والإعاقة من توفير مصادر الدخل المستدامة، والازدهار في مجال ريادة الأعمال.
يساعد هذا المشروع في توفير الدعم اللازم والتدريبات المهنية للنساء اللواتي يواجهن التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مما يمكنهن من تحقيق أحلامهن وتطوير مهاراتهن وإنشاء مشاريعهن الخاصة. وهذا يؤثر بشكل إيجابي على حياتهن وحياة عائلاتهن ومجتمعاتهن بشكل عام.
تعمل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي giz، ومؤسسة تمدين شباب TYF على بناء مهارات النساء اليمنيات؛ من أجل الانضمام إلى القوى العاملة، وإنشاء أعمالهنّ التجارية الخاصة بما يساهم في تحقيق الاستقرار، والتعافي المبكر، وصولاً إلى التنمية المستدامة.