تمدين شباب...حضور تنموي وإنساني

الأحد, 25 مايو, 2025
تمدين شباب...حضور تنموي وإنساني

شوقي نعمان

رئيس تحرير منصة ريشة

 

في ظل التحديات المالية واللوجستية التي تواجهها العديد من منظمات المجتمع المدني، لا سيما في الدول النامية أو المناطق المهمشة، والتي تشتد فيها وتيرة الحروب والصراعات المستمرة، تظهر الكثير من منظمات المجتمع المدني لتلبية حاجات ضرورية، منها ما يتلاشى ويختفي حسب حاجة اللحظة، ومنها من يعمل بوتيرة وخطط وفق إستراتيجيات الديمومة والبقاء لتمثيل المجتمع في معاناته وتطلعاته. هذا ما لمسناه من مؤسسة تمدين شباب منذ الإطلالة الأولى لها في العام 2013، ظهرت الصورة بارزة وناصعة لعمل مدني إنساني ريادي ومعاصر، مستمدة بقائها من عوامل كثيرة وإدراكها مبكراً لأهمية التنمية.

 

تعمل تمدين في ظروف قاسية وبيئة حرب هي الأعنف على مستوى العالم، وفي مجتمع تحكمه الكثير من التناقضات، تحاول جاهدة لإيجاد تغيير حقيقي يخدم الإنسان محور الحدث والهدف والقضية.

 

تمدين التي لطالما قدمت نموذجاً مهنياً في مناصرة توطين العمل الإنساني في اليمن، وما زالت بنفس النهج تسعى للكثير من الإصلاحيات في وقت فشلت فيه الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة نتيجة الصراع القائم في البلاد بشكل متزايد. في وضع مأساوي هو الأشد على اليمن واليمنيين، وحرب يدور رحاها من الشرق إلى الغرب، وأزمات اقتصادية متتابعة، وصرخات للجياع وأخرى للمساكين، بقيت الجهات الداعمة محل دهشة وعجز، وأغلقت بعض المنظمات فروعها وتخلت عن دورها، وقمع متزايد وطرق غير منتهية وغير واضحة إلى أين يسير الوضع العام، إلا أننا وجدنا مؤسسة تمدين شباب دائماً توقظ همم باقي المنظمات لعمل مؤسسي محوكم وشفاف. رغم كل التداعيات، تحاول أن تتمسك بأمل رغم عتمة الظلام، تحاول أن تغرس في أذهان الكثيرين أبجديات التغيير نحو تحقيق الاستدامة في العمل المدني والإنساني المنشود وبأقل الإمكانيات المتاحة.

 

منذ اللحظة الزمنية الأولى لتأسيسها في مايو من العام 2013، تشاركت تمدين همومها وبرامجها ومشاريعها مع مختلف الشرائح الشبابية والمدنية على المستوى الإنساني والفني والتنموي، راغبة بذلك إرساء أعمدة العمل الشبابي والإنساني والتنموي، ومساهمةً في فتح آفاقاً رحبة في العمل المؤسسي وإنعاش الروح المعنوية على الصعيد الإنساني الحافل بطاقات شبابية عالية وتواقة لمستقبل اليمن الجديد. اختلف الكثير مع تمدين ومدحها الكثير، وحاولت هي الأخرى أن تثبت بأنها تسلك مسيرتها وفق قيم الشفافية والمصداقية، ونجحت بذلك من خلال حضورها الفاعل والمؤثر في مقدمة صفوف منظمات المجتمع المدني. تمدين التي قالت لي ولكثير من الشباب أبوابنا مفتوحة للجميع لمشاركة الخطط والبرامج والعمل التنموي والإنساني والثقافي والفني، ولا أريد أن أخون الأمانة إذا لم أقل ذلك للجميع، شهادتي هذه وقلتها سابقاً. كانت تعزم لتأسيس الكثير من المشاريع الشبابية وخانها الواقع الممتلئ بالحرب والتناقضات، لكنها كانت ولا تزال ملهمة للتغيير، وتعمل من أجل تحسين آليات الاستجابة الإنسانية في اليمن بما يرفع كفاءتها ويحقق أثرها المستدام. وفق النظام المؤسسي المحوكم، والتشبيك، وبناء القدرات الشبابية، تمدين لا تنتهي ولا تغيب، إنها ديناميكية وطاقة ونشاط وإيمان راسخ بأن العمل المدني لا ينتهي لأي ظرف كان، وهذا بفضل إيمانها بالعمل الإنساني والشبابي وبقداسة القضية الإنسانية التي يمثل الشباب والمجتمع محور الهدف.

 

عملت تمدين ولاتزال بوتيرة عالية وفي مناطق مختلفة من اليمن، وحاضرة في كل رقعة جغرافية على امتداد هذا اليمن الكبير، وبجهود مؤسسها وكادرها استطاعت أن تكسب ثقة الداعمين والمستفيدين على حد سواء، لطبيعة عملها القائم على الشفافية والوضوح والمصداقية التي ميزتها وساعدتها على امتطاء ذروة النجاح المتسارع، متجاوزة الحدود الجغرافية والمناطقية؛ لتكون مشروعاً مُلهماً في المجتمع المدني.

 

 إن الحديث عن مؤسسة تمدين شباب من زاوية أخرى يفيض بالكثير من القيم والسمات الجمالية بطبيعة مشروعها النبيل، وعلاقاتها المؤسسية والاجتماعية الناجحة التي عكست فيها قيم العمل الإنساني النبيلة، ولكننا سنختصر الأمر هنا لنطلق دعوة استجابة واستغاثة لكل الممولين والداعمين لتكاتف الجهود وتكثيف الدعم والاستجابة الإنسانية الطارئة لصرخات الشعب اليمني وما يعيشه من محنة وأقدار بائسة أثرت على مجمل الحياة العامة.